📁 آخر الأخبار

المهندس الخفي لوعينا: كيف تشكل خوارزميات السوشيال ميديا ثقافتنا؟


تصوير رقمي لدماغ بشري يتلقى تدفقًا من المحتوى من تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وتيك توك، محاطًا بدائرة تمثل فقاعة المعلومات.


هل تساءلت يوماً لماذا تظهر لك منشورات معينة دون غيرها على فيسبوك، أو فيديوهات محددة على تيك توك؟ هل شعرت بأن المحتوى الذي تستهلكه يتشابه يوماً بعد يوم، وكأنه مصنوع خصيصاً لك؟

لست وحدك. خلف كل نقرة، إعجاب، أو مشاركة، يوجد مهندس خفي يعمل في صمت: إنها خوارزميات شبكات التواصل الاجتماعي. هذه الخوارزميات ليست مجرد برامج تقنية؛ إنها أصبحت المهندس الفعلي لثقافتنا، توجه اهتماماتنا وتُحدد مسار وعينا.

دعونا نكتشف كيف تعمل هذه الآلة المعقدة، وكيف تحولت من مجرد أداة بسيطة إلى قوة تشكل واقعنا الثقافي.

ما هي الخوارزمية؟ لنفكر فيها كـ "مُبرمج شخصي"

ببساطة، الخوارزمية هي مجموعة من القواعد والتعليمات التي يتبعها الكمبيوتر لأداء مهمة معينة. في حالة السوشيال ميديا، مهمة الخوارزمية هي التنبؤ بما يعجبك.

تخيل أن لديك "مُبرمجاً شخصياً" يعمل على مدار الساعة. هذا المبرمج يراقب كل شيء تفعله:

ما هي المنشورات التي تقف عندها وقتاً أطول؟

على أي الصور تضغط لتكبيرها؟

ما هي الفيديوهات التي تشاهدها حتى النهاية؟

من هم الأصدقاء الذين تتفاعل معهم أكثر؟

بناءً على هذا السلوك، يتعلم المبرمج (الخوارزمية) نمط اهتماماتك. ثم يبدأ بعرض المزيد من المحتوى الذي يتطابق مع هذا النمط، لضمان بقائك على المنصة لأطول فترة ممكنة. وهذا هو جوهر العمل.

ثقافة الفقاعة: عندما يصبح العالم صدى لأفكارك

هنا يأتي التأثير الثقافي العميق. عندما تتعلم الخوارزمية أنك تحب نوعاً معيناً من المحتوى، فإنها تبدأ بحجب المحتوى الآخر تدريجياً. هذه الظاهرة تُعرف باسم "فقاعة الفلترة" (Filter Bubble).

عالم منعزل: بدلاً من التعرض لوجهات نظر متنوعة، تجد نفسك محاطاً بآراء وأخبار تؤكد قناعاتك الحالية. يصبح عالمك الرقمي صدىً لأفكارك، مما يعززها ويجعلك أقل انفتاحاً على النقاش.

تشكيل الاهتمامات: الخوارزمية لا تعرض لك ما تريده فقط، بل يمكنها أن تخلق لديك اهتمامات جديدة. عندما ترى محتوى معيناً باستمرار، قد تبدأ بالاهتمام به حتى لو لم تكن تعرفه من قبل. هذا يوجه اهتماماتنا الجماعية ويحدد ما يصبح "رائجاً" (Trending).

كيف نستعيد السيطرة؟

لا يمكننا إيقاف الخوارزميات، لكن يمكننا أن نكون أكثر وعياً بتأثيرها. إليك بعض الخطوات البسيطة:

كن واعياً: في المرة القادمة التي تتصفح فيها، اسأل نفسك: "لماذا ظهر هذا المحتوى لي؟". هذا الوعي هو الخطوة الأولى للخروج من الفقاعة.

تنويع مصادر المعلومة: تعمد البحث عن محتوى خارج نطاق توصيات الخوارزميات. تابع أشخاصاً وآراءً مختلفة، واقرأ مقالات من مصادر متنوعة.

استخدم المنصة بذكاء: تفاعل بوعي مع المحتوى الذي تود رؤيته. لا تتفاعل مع أي شيء لا يعجبك فقط لأنه ظهر أمامك.

الخوارزميات هي كنوز تقنية مذهلة، لكنها سلاح ذو حدين. إن فهمنا لكيفية عملها سيساعدنا على استخدامها بذكاء، بدلاً من أن نصبح مجرد جزء من خطة عملها. وبهذا، يمكننا أن نتحول من مجرد مستهلكين إلى مهندسين لثقافتنا الرقمية.

ما رأيكم؟ هل تشعرون أن خوارزميات السوشيال ميديا تتحكم فيما تشاهدونه؟ شاركونا آراءكم في التعليقات!

مدونة كنوز التقنية والثقافة
مدونة كنوز التقنية والثقافة
تعليقات