📁 آخر الأخبار

قوم ثمود: الذين نحتوا الجبال وبنوا حضارة عجيبة


صورة مباني قوم ثمود

عندما نتأمل في جبال شمال الجزيرة العربية، وتحديدًا في منطقة "مدائن صالح"، نجد آثارًا عجيبة: بيوت وقصور منحوتة بإتقان داخل الصخور الصلبة. هذه الآثار ليست من صنع الصدفة، بل هي بقايا حضارة عظيمة تركها قوم ثمود الذين ذكرهم القرآن الكريم في عدة مواضع.


من هم قوم ثمود؟


قوم ثمود هم أمة عربية قديمة، سكنت منطقة الحِجر بين الحجاز وتبوك في شمال الجزيرة العربية. بعد هلاك قوم عاد، خلفهم ثمود وسكنوا الأرض وتمكنوا منها. كانوا مشهورين بقوتهم الجسدية وبراعتهم في العمارة والنحت.


وقد أشار القرآن الكريم إلى مكانهم في قوله تعالى:


> ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الحجر: 80].




قوتهم في البناء ونحت الجبال


لقد تميزوا عن غيرهم بقدرة نادرة: نحت البيوت داخل الصخور والجبال، بدلًا من بنائها بالطوب أو الطين.

يقول الله تعالى عنهم:


> ﴿وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ﴾ [الشعراء: 149].




كلمة فارهين تعني بارعين، أي أنهم لم يكونوا يصنعون بيوتهم للحاجة فقط، بل للترف والزينة والفخامة. وهذا دليل على أنهم وصلوا إلى مرحلة عالية من الحضارة والقوة الهندسية.


نبي الله صالح عليه السلام


أرسل الله إليهم نبيه صالحًا عليه السلام، يدعوهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام. لكنهم كذّبوه واتهموه بالسحر والكذب. وطلبوا منه آية معجزة تثبت صدقه.


فأخرج الله لهم من صخرة عظيمة ناقة معجزة لها صفات خارقة، وأمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله، وألا يمسوها بسوء.

قال تعالى:


> ﴿هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الأعراف: 73].




تكبرهم وعاقبتهم


مع كل هذه الأدلة، أصروا على عنادهم، وبلغ بهم الكفر أن قاموا بقتل الناقة. هنا جاء وعد الله بالعقاب، فأرسل عليهم الصيحة التي أهلكتهم جميعًا.


قال تعالى:


> ﴿فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ [الأعراف: 77-78].




وهكذا انتهت حضارتهم العظيمة فجأة، ولم يبقَ منها سوى آثار منحوتة صامتة تروي قصة أمة كانت قوية ثم بادت بكفرها.


الدروس والعبر


القوة لا تدوم: مهما بلغ الإنسان من علم وبناء، فإن الغرور والكفر قد يقضي على كل شيء.


الآثار شاهدة: بيوت ثمود المحفورة في الجبال ما زالت قائمة، لكنها مجرد أطلال خاوية، تذكّرنا بسنن الله في خلقه.


العمر البشري قصير أمام التاريخ: ما بنوه خلال قرون طويلة تحول اليوم إلى مجرد معالم سياحية، لكن قصتهم خالدة للعظة.



خاتمة


قوم ثمود مثال حي على أن الحضارات مهما بلغت من قوة وعظمة، فإن مصيرها الفناء إذا أعرضت عن الإيمان بالله. وما نراه اليوم من بقايا منحوتة في الجبال هو رسالة مفتوحة لكل الأجيال:


> ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [النمل: 52].





---


✨ للنقاش:

هل تعتقد أن آثار قوم ثمود في مدائن صالح هي مجرد تاريخ قديم؟ أم أنها ر

سالة قوية للبشرية بأن الحضارات تزول إذا فقدت قيم الإيمان والأخلاق؟


مدونة كنوز التقنية والثقافة
مدونة كنوز التقنية والثقافة
تعليقات